بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على المصطفى
وعلى اله وصحبه ومن سار على الدرب واقتفى
وبعد:هذه مجموعة من اقوال اهل العلم والاصلاح في بلادنا نقدمها على حلاقات للقارء الكريم نبين من خللاها مدى كان حرص علمائنا على تصحيح ما فسد من عقائد وسلوكات المجتمع الجزائري خصوصا والمجتمع الاسلامي على وجه العموم _ فكانوا بحق علماء ربانيون على فطرة السلف الصالح في العقيدة والفقه والسلوك
رحمهم الله وجزاهم عن الاسلام خير الجزاء .
في مقدمة هذه الحلقة نبدا بالتعريف بالتصوف من النشوء مع الشيخ العلامة مبارك الميلي رحمه الله
_التصوف وبدعة حدوثه _
أوضح الشَّيخ مباركٌ الميليّ (رحمه الله) [1898م - 1945م] أنَّ: «التّصوّف» يونانيّ الأصل، وأنَّ هذا اللَّقَب «لا أصل له في العربيّة، وهو الحقّ، فإنّ التّصوّف مُعَرَّبُ تيو صوفية: (théosophie)، وهو لفظٌ يونانيّ مُرَكَّبٌ مِن «تـيو» بمعنى الإله، و«صوفية» بمعنى الحكمة، وهي طريقةٌ رياضيّةٌ لمعرفة الله، يَزعم أهلُها مناجاته ووَحْيَهُ إليهم ونَيْلَهُمْ منه عِرْفَانًا ومِنَنًا خاصّة، وأنّه يَتَجَلَّى لهم في الكون أو الطّبيعة حتّى يَمتزجوا به، ومذهبُهم وحدة الوجود، ولمُرِيديهم درجاتٌ في السّلوك إلى هذه الغاية، هذا هو التّصوّف الّذي عرفه اليونان والهنود قديمًا، ثمّ اسْتَقَتْ منه المسيحيّة حتّى إذا انتشرت بأوربا غَطَّتْهُ فتُنُوسي بها إلى أن أَحياه بالتّآليف العديدة «سْبِينُوزَا بروخ» اليهوديّ المتوفَّى بمدينة لاهاي سنة : 1077 [1677م] فصار التّصوُّف معروفًا اليوم بأوربا»، وقال أيضًا: «ودخلت لفظةُ «التّصوّف» اليونانيّة إلى العربيّة لمّا تُرجمت كتب اليونان والهند في الدَّوْر العبّاسي لاسيّما أيّام المأمون» [«تاريخ الجزائر في القديم والحديث» الجزء الأول والثاني، ص: (714- 715)]، ونَقَلَ عن الشَّيخ محمّد رشيد رضا قوله : «والكلمة يونانية، معناها الحكمة، والصّوفيّة الحقيقيّون كلّهم طلّاب حكمة، وهم مِن صنف الفلاسفة الإشراقيّين عند اليونان، وذلك أنّه لمّا دخلت الفلسفة اليونانيّة البلاد الإسلاميّة أَخَذَ كلُّ أُناسٍ منها ما يُناسِبُ استعدادهم فعُـنِيَ بعضُ النّاس بالعلوم النّظريّة، وبعضهم بالعلوم العملية مع العمل، وذلك قسمان: ما يتعلّق بالظّاهر كالطّبّ، وما يتعلّق بالباطن كرياضة النّفس وتهذيب الأخلاق، وهذا هو موضوع التّصوّف، ويعرف أهلُ التّاريخ أنّ هذا التّصوّف قديم العهد في البشر، فهو معروفٌ عند بَرَاهِمَةِ الهند إلى اليوم، وعند أهل الصِّين أيضًا، ومِن الصِّينيّين طائفةٌ يُسمّون أهل الطّريقة لهم شَارَات كشَارَات أهل الطّريق وأَعلامٌ يكتبون عليها كلمات دينيّة، كالّذي تراه كلّ يومٍ عند أهل الطُّرُق» [«عودٌ إلى الحديث عن التّصوّف -1-»: «الشّهاب»، المجلد (، جزء شعبان (1351هـ)، (ص: 653)، وكلام الشَّيخ رشيد من : «تاريخ الأستاذ الإمام» (1/109- 100)].يعدها على حلقات اخوكم /انقاذي