سلطان القرآن عند السلف
قال الشيخ الإبراهيمي رحمه الله: كان علماء السلف يرجعون في كل شأن من شؤون الدين إلى القرآن، بل كان خلقهم القرآن كما كان النبي صلى الله عليه وسلم، وكما ثبت في حديث عائشة رضي الله عنها
( كلن خلقه القرآن يرضى لرضاه ويغضب لغضبه)).
وكانوا يحكمون القرآن في كل شيء، حتى في الخطرات العارضة، والسرائر الخفية، حتى تمكن سلطانه من نفوسهم وأصبحت لا تتحرك ولا تسكن إلا بأمره ونهيه، وأصبحوا يقودون حتى الخلفاء والأمراء بذلك السلطان، وذلك هو السر في علو كلمة الإسلام وسرعة انتشاره في المشارق والمغارب.
فلما تفرقت المذاهب الفقهية ونشأ علم الكلام، وتفرقت منازعه بين الأشاعرة والمعتزلة، وتفرق المسلمون شيعا حتى أصبح كل رأي في علم الكلام أو الفقه يتحزب له جماعة، فيصبح مذهبا فقهيا أو كلاميا يلتف حوله جماعة ويجادلون، فضعف سلطان القرآن على النفوس، وأصبح العلماء لا يلتزمون في الاستدلال بآياته ولا ينتزعون الأحكام منها إلا قليلا، فعلماء الكلام صاروا يستدلون بالعقل، والفقهاء أصبحوا يستدلون بكلام أئمتهم أو قدماء أتباعهم!
ومن هنا نشأ علم الكلام، وعلم الفقه.
نقلا عن كتاب: العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية
للشيخ عبد الحميد بن باديس
بتقديم البشير الإبراهيمي
أم خالد