نحن المسلمين رُبِّينا تربية إسلامية على ألفة الجوع، والتقلل من الأكل، والاقتصار على قدر الحاجة فطعام الواحد عندنا يكفي الاثنين، ونعتقد ععن تجربة أنّ الرجل لا يهلك عن نصف قوته.
بهذه التربية استطعنا أن نبقى ونعيش في مثل ما عليه حالة معظم الأمة الجزائرية من الفاقة والعوز والجوع، والمسغبة بينما هي تنظر إلى ما ينعم فيه غيرها من النعمة والرخاء.
وكما ربّانا الإسلامم هذه التربية من ناحية الغذاء، فقد ربّانا تربية أخرى من نواحي أخرى ربّانا على محبة العلم والمعرفة والرغبة فيهما، والتلهف على ما فات منهما والاحترام لمن كان له الحظ فيهما، وبهذه التربية استطعنا رغم الفاقة ورغم الجوع ورغم التثبيط أن نحافظ على قرآننا وخطنا وبقايا علوم لغتنا، وديننا.
جهل قوم من ذوي السلطة هذا الخلق منا فحسبوا - وهم عالمون بما فيه الأمة من جوع وفاقة - أننا قوم لا نريد إلا الخبز، وأنّ الخبز عندنا هو كل شيء، وأننا إذا ملئت بطوننا مهدنا ظهورنا، وأنّهم إذا أعطونا الخبز فقد أعطونا كل ما نطلب، إذْ الخبز في زعمهم هو كل ما نريد.
لا يا قوم إنّنا أحياء، وإننا نريد الحياة، وللحياة خلقنا، وإن الحياة لا تكون بالخيز وحده، فهنالك ما علمتم من مطالبنا العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وكلها ضروريات في الحياة.
- عبد الحميد بن باديس -
أم خالد