بسم الله الرحمن الرحيم
الجزائر في: 10 جمادى الثانية 1435هـ
الـــــمـــوافـــق لـــــ 10 أفريل 2014م
النور الساطع في تجلية الغشاش الآثم أهو المشارك أو المقاطع
* الحمد لله القائل في كتابه العزيز "فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون" البقرة 79. والصلاة والسلام على سيد المرسلين القائل في الحديث الصحيح "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة" وعلى آله وصحبه أجمعين.
* لاشك أن النظام الجزائري نظام علماني من الناحية الفعلية والممارسة الميدانية ولكن تضطره بعض الظروف السياسية التي يمر بها إلى توظيف الدين لخدمة أغراضه السياسية ففي كل موعد انتخابي يظهر علينا وزير الشؤون الدينية بتصريحات صادمة يستهجنها أهل الدين وأهل السياسة حيث يصف دعاة المقاطعة ــ وهو موقف سياسي ــ بنعوت شتى تارة بالشياطين وتارة بالغشاشين وتارة بالآثمين وتارة بالمجرمين وتارة بأعداء الوطن وهلُّم جرا مستشهدا بنصوص شرعية يضعها في غير موضعها وينزّلها تنزيلا في غير محله مما يُدخله في صف الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ويأتي بأقوال لم يُسبق إليها لا في القديم ولا في الحديث ولا تصدر إلا عن علماء السوء وفقهاء البلاط ووعاظ السلاطين وخدمة الطغاة الجلادين والعياذ بالله.
* طالعتنا بعض الجرائد لـ 09 أفريل بما فاه به وزير الشؤون الدينية وهي بالغة الخطورة وهذا في حالة أمانة النقل وعدم تحريف الكلم عن مواضعه أو إخراجه عن سياقه حيث وصف المقاطعين ودعاة عدم المشاركة بأنهم غشاشون وآثمون وأن إساءة الظن بالمترشحين جريمة وبما أن الوزير يمثل السلطة الدينية الرسمية وتحت إمرته وسيطرته زُهاء 17 ألف إماما فضلا على أنه شيخ زاوية فإن ما يصدر عنه يخرج مخرج التوصيف الشرعي قبل السياسي فهل هذا التوصيف ينطبق وأحكام الشريعة الإسلامية في شأن المواصفات الشرعية في اختيار الحاكم المسلم؟ !!
* وفي هذه العجالة أحاول ــ قدر المستطاع ــ الرد على ما جاء على لسان وزير الشؤون الدينية – إن صح النقل عنه ــ وسوف يقتصر الرد ــ بحول الله تعالى ــ على الناحية الشرعية مؤخرا الرد على الجانب السياسي إلى آخر المقال ليظهر للعام والخاص من هم الآثمون والغشاشون والمجرمون في ميزان الشرع بعيدا عن تلبيس إبليس وتحريف علماء السوء وأئمة السلطة وأعوان الشرطة لاسيما وقتي لا يسمح لي بإطالة النفس في الرد وسوف يقتصر على جملة من النقاط.
- مكانة العمل السياسي في الإسلام
* جاء في الحديث الصحيح " ...كان بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء..."، قال بن الأثير رحمه الله " كانت بنو إسرائيل تسوسهم أنبيائهم أي تتولى أمورهم كما تفعل الأمراء والولاة بالرعية والسياسة القيام على الشيء بما يصلحه" وقال بن حجر العسقلاني رحمه الله " تسوسهم الأنبياء أي أنهم كانوا إذا ظهر فيهم فساد بعث الله لهم نبيا يقيم لهم أمرهم ويزيل ما غيروا من أحكام التوراة وفيه إشارة إلى انه لابد للرعية من قائم بأمورها يحملها على الطريقة الحسنة وينصف المظلوم من الظالم " وقد صنف الإمام الغزالي رحمه الله المشتغلين بالسياسة إلى أربع مراتب الأولى وهي العليا سياسة الأنبياء والثانية سياسة الخلفاء والثالثة سياسة العلماء والرابعة سياسة الوعاظ، وعرّف الإمام القرطبي رحمه الله الرباني بالعالم البصير بالسياسة والسياسة الحقة هي المنضبطة بأحكام الشريعة قال ابن الجوزي رحمه الله "إن الشريعة سياسة إلهية ومحال أن يقع في سياسة الإله خلل يحتاج معه إلى سياسة الخلق" وعرفها الإمام السخاوي رحمه الله "بأن السياسة هي الشرع لا حكم الحاكم بهواه" قال ابن عقيل رحمه الله في تعريف السياسة " إن السياسة ما كان فعلا يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد وإن لم يضعه الرسول ولا نزل به وحي" فالسياسة عنده ما لا يخالف الشرع. وهذا التعريف هو لب السياسة الشرعية التي تقوم على فقه المصالح والموازانات والتعامل مع جميع الظروف بما لا يخالف قواطع الشريعة
* من خلال ما تقدم ندرك أن العمل السياسي والاشتغال به أو الاهتمام بالشأن العام مما يدعو إليه الإسلام ويُرغب فيه لمن كان أهله وعلى بصيرة من أمره وكل من يدعو إلى تزهيد الناس في العمل السياسي أو الاهتمام بالشأن العام يقترف إثما وجريمة في حق الإسلام والمسلمين وقد حاول الحكام الطغاة والمستبدين صرف الناس عن الاهتمام بأمر السياسة والشأن العام ليخلو لهم الجو فيحكمون قبضتهم على رقاب شعوبهم ويذيقونها شتى ألوان الظلم والقهر والاستبداد دون أن يعلو صوت نكير أو معارضة قال الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله "...لابد من الجمع بين السياسة والعلم ولا ينهض العلم والدين حق النهوض إلا إذا نهضت السياسة " وقال أيضا " ما هذا العيب الذي يعاب به العلماء المسلمون إذا شاركوا في السياسة فهل خلت المجالس النيابية الكبرى والصغرى من رجال الديانات الأخرى...أفيجوز الشيء ويحسُن إذا كان من هنالك ويحرم ويقبح إذا كان من هنا؟!!" غير أن السياسة في الإسلام لها ضوابطها الشرعية خلافا للسياسة في المفهوم الغربي الذي غزا ديار المسلمين قال الشيخ أبو يعلى الزواوي رحمه الله "السياسة عندنا معشر المسلمين عموما والعلماء خصوصا هي خلاف ما عند الافرنج فعندنا إنها عبارة عن تدبير الأمور... وعليه فمن أحق وأجدر بالسياسة من العلماء الحذاق الفطن أما عند الافرنج فهي عبارة عن الحيلة والغش والمكر والخديعة وقال نبينا صلى الله عليه وسلم المكر والخديعة في النار فتطبيق الافرنجة على السياسة الإسلامية تطبيق الشيء على ضده وقد اغتر بهذا بعض الجهال المسلمين" والحاصل أن السياسة من صميم الدين.
- متى تجب المشاركة في اختيار الحاكم؟
* لاشك أن المشاركة في اختيار الحاكم المسلم فريضة على المسلمين وهي حق لكل مسلم رجلا كان أو امرأة شريطة أن تقوم على الاختيار الحر والرضا التام دون اكراه أو إجبار قال الإمام مالك رحمه الله "ليس لمُكره بيعة" وقد كلفه هذا الرأي السياسي الشرعي محنة كبرى فقد عُذب وضُرب بالسياط حتى انخلعت كتفاه فالإسلام لا يقبل انتخاب يقوم على الاغتصاب والقهر والغلبة والإستلاء والارتشاء والإغراء، قال ابن تيمية رحمه الله "تحكيم الأمة في اختيار الخليفة حكمها حكم الله...."فالعصمة للأمة وليست للأئمة حيث قال"إن الإمام ــ الحاكم ــ ليس ربا لرعيته حتى يستغني عنه ولا هو رسول الله إليهم حتى يكون الواسطة بينهم وبين الله وإنما هو والرعية شركاء يتعاونون هم وهو على مصلحة الدين والدنيا" فالمشاركة في اختيار الحاكم الشرعي من واجبات المسلم الشرعية وتركه بغير عذر شرعي يعتبر من كبائر الإثم لقوله عليه الصلاة والسلام "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" وفي رواية "من مات وليس عليه امام جماعة فإن ميتته ميتة جاهلية" قال النووي رحمه الله " مات على صفة موتهم من حيثهم فوضى لا إمام لهم" وقال ابن حجر رحمه الله " وليس المراد يموت كافرا بل يموت عاصيا" ولذلك كان السلف الأوائل يتفقهون في الشأن السياسي كما يتفقهون في الشأن التعبدي إذ الكلُّ يدخل في باب العبادة بمفهومها الواسع.
- أهمية مقصد الدين في اختيار حاكم المسلمين:
* اجمع علماء المسلمين قديما وحديثا أن غاية الولاية السياسية في الإسلام هي إقامة الدين وإصلاح حال الخلق في دنياهم وآخرتهم وتحصيل المصالح وتعطيل المفاسد فأهم مقصد يجب مراعاته من طرف الراعي والرعية هو مقصد الدين وتنفيذ أحكام شريعة رب العالمين وهذا ما كان عليه السلف الأوائل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي أول حدث سياسي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم روعي في أول انتخاب لرئيس الدولة الإسلامية مقصد الدين ولذلك قال الزبير بن العوام رضي الله عنه يوم السقيفة "لولا حدودٌ لله فُرضت وفرائض له حُدّت تُراح إلى أهلها وتحي لا تموت لكان الفرار من الولاية عصمة ولكن لله علينا إجابة الدعوة وإظهار السنة لأن لا نموت ميتة عمية ولا نعمى عمى الجاهلية " وبعد أخذ ورد بين الأنصار والمهاجرين تم مبايعة أبي بكر الصديق حيث قال الصحابة في بيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه " اختاره النبي لصلاتنا ــ أي ديننا ــ فكيف لا نرضاه لدنيانا" فجميع مقاصد الشريعة في خدمة مقصد الدين قال الماوردي رحمه الله "الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا" وقال إمام الحرمين رحمه الله " رئاسة تامة وزعامة تتعلق بالخاصة والعامة في مهمات الدين والدنيا.." ومن هنا نص أهل العلم أن أهم وظيفة من وظائف الحاكم المسلم هي إقامة دين الله كما أنه يجب على الشعب المسلم أن يقدم في انتخابه مقصد الدين أيضا لقوله عليه الصلاة والسلام " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم....ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنياه.... " قال الحافظ بن حجر رحمه الله " والأصل في مبايعة الإمام أن يبايعه على أن يعمل بالحق ويقيم الحدود ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فمن جعل مبايعته لمال يعطاه دون ملاحظة المقصود في الأصل فقد خسر خسرانا مبينا ودخل في الوعيد المذكور وحاق به ــ إن لم يتجاوز الله عنه ــ وفيه أن كل عمل لا يقصد به وجه الله وأريد به عرض الدنيا فهو فاسد وصاحبه آثم والله الموفق" وأوضح بن حجر رحمه الله أن من قدم مقصد الدنيا على الدين فهو غاش للحاكم وللرعية معا حيث قال " وأما الذي بايع الإمام بالصفة المذكورة فاستحقاقه هذا الوعيد لكونه غش إمام المسلمين ومن لازم غش الإمام غش الرعية لما فيه التسبب إلى إثارة الفتنة ولاسيما إذا كان من يتبع على ذلك " فمن هو الغشاش والآثم يا وزير الشؤون الدينية بنص الحديث الصحيح؟ !!
- ما يشترط في صحة عقد الانتخاب الشرعي:
* نص أهل العلم أن البيعة -الانتخاب- الشرعي لا يكون صحيحا إلا إذا كان عقد البيعة ينص على التزام أحكام الكتاب والسنة ولذلك قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه "أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم " قال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله "والأصل في البيعة أن تكون على الكتاب والسنة وإقامة العدل من قبله وعلى السمع والطاعة في المعروف من قبلهم" وإذا عاهد ثم خالف مضمون العقد انتقضت بيعته عند أهل العلم والمسلمون على شروطهم" وقال ابن باديس رحمه الله "فهم لا يطيعونه -الحاكم- هو لذاته وإنما يطيعون الله باتباع الشرع الذي وضعه لهم ورضوا به لأنفسهم وإنما هو مكلف منهم بتنفيذه عليه وعليهم فلهذا إذا عصا وخالف لم تبق له طاعة عليهم" وقال أبو يعلى رحمه الله " إن صفة العقد أن يقال بايعناك على بيعة رضى على إقامة العدل والإنصاف والقيام بفروض الإمامة " قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه "لا يلزم الوفاء بعهد الظالم فإذا عقد عليك في ظلم فانقضه"
- تحريم انتخاب من كان فاسقا:
* أجمع العلماء على عدم جواز تولية الفاسق ابتداءا واختلفوا في أمره إذا طرأ عليه فسق في عقيدته أو معاصي الجوارح قال الفقيه المالكي القاضي عياض "فلو طرأ عليه -الحاكم- كفر أو تغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه نصب إمام عادل" وقال القرطبي رحمه الله " ولا خلاف بين الأمة في أنه لا يجوز أن تعقد الخلافة لفاسق " وقد نص أهل العلم أن الظالم لا يجوز أن ينتخب من الشعب قال الجصاص رحمه الله في تفسير قوله تعالى"لا ينال عهدي الظالمين" "" فلا يجوز أن يكون الظالم نبيا ولا خليفة لنبي ولا قاضيا ولا من يلزم الناس قبول قوله في أمور الدين..فثبت بدلالة هذه الآية بطلان إمامة الفاسق وأنه لا يكون خليفة وأن من نصب لفتنة في هذا المنصب وهو فاسق لم يلزم الناس إتباعه ولا طاعته" وقال مجاهد رحمه الله " الظالم لا يكون إماما" فتولية الظالم من كبائر الإثم.
- تحريم إعانة الحكام الظلمة ومساندتهم:
* نصوص الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح الأوائل تنهى عن إعانة الحكام الظلمة قال عليه الصلاة والسلام "سيكون بعدي خلفاء يعملون بما يعملون ويفعلون ما يؤمرون وسيكون بعدي وفي رواية بعدهم خلفاء يعملون بما يعملون ويفعلون بما لا يؤمرون فمن أنكر عليهم برئ ومن أمسك يده سلم ولكن من رضي وتابع" وهذا الحديث نص صريح في مقاطعة الحكام الظلمة ومن هنا نص أهل العلم بوجوب مقاطعة أمثال هؤلاء الحكام قال عليه الصلاة والسلام "...ثم يليكم عمال من بعدهم يقولون ما لا يعملون ويعملون ما لا يعرفون فمن ناصحهم ووازرهم وشد على أعضادهم فأولئك قد هلكوا وأهلكوا خالِطوهم بأجسادكم وزايلوهم بأعمالكم واشهدوا على المحسن بأنه محسن وعلى المسيء بأنه مسيء" وقال أيضا " ليأتين عليكم أمراء يقربون شرار الناس ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها فمن أدرك ذلك منكم فلا يكونن عريفا ولا شرطيا ولا جابيا ولا خازنا" وفي رواية يكون في آخر الزمان أمراء ظلمة ووزراء فسقة وقضاة خونة وفقهاء كذبة فمن أدرك منكم ذلك الزمن فلا يكونن لهم جابيا ولا عريفا ولا شرطيا" فإعانة الحكام الظلمة على ظلمهم ومساندتهم من الجرائم والآثام ومن الغش المنهي عنها شرعا فمن ساندهم ودعا لهم فهو آثم فمن الغاش الآثم أيها الوزير؟ !!
- تحريم انتخاب الخائن:
* إن الحاكم الذي يُنصب في مناصب الدولة الخونة والظلمة والفسقة محاباة لهم يكون بذلك قد ارتكب جرما عظيما وخان الله ورسوله والمؤمنين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من استعمل رجلا على عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين" وفي رواية " من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمر عليهم أحد محاباة فعليه لعنة الله ولا يقبل له منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم" وقال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه " من ولي من أمر المسلمين شيئا فولى رجلا لمودة أو قرابة فقد خان الله ورسوله والمسلمين" ومما لا شك فيه أن الرئيس المريض حطم الرقم القياسي في تنصيب وزراء محاباة لهم كوزير الداخلية ووزير العدل ووزير الإعلام والاتصال ورئيس المجلس الدستوري والمدير العام للأمن وقد اشترى رجالات بأموال الأمة ونصبهم في مناصب هامة لخدمة أغراضه وهم رأس الحربة في الدفاع عن العهدة الرابعة والتي تعتبر بالنسبة إليهم معركة حياة أو موت فمن هو الآثم الغشاش يا وزير الدين؟ !!
* تلك بعض النقاط الهامة التي تيسر جمعها في هذه العجالة وهي تدل دلالة قاطعة على أن ما قاله وزير الشؤون الدينية –إن صح النقل عنه- يخالف أحكام الكتاب والسنة وما أجمع عليه علماء الأمة. فالانتخابات الرئاسية لـ 17 أفريل2014 يعتبر المشارك فيها من الناحية الشرعية آثم وغاش للحاكم والشعب ومرتكب لجرم خطير. وإذا رأى وزير الشؤون الدينية أن هذا البيان مخالف للكتاب والسنة وما ذهب إليه علماء الأمة وعلى رأسهم إمام دار الهجرة فليعقد مؤتمرا عاما يدعو له علماء العالم الإسلامي ويحضره دعاة المقاطعة والمشاركة وليكن موضوعه الأساسي شروط انتخاب الحاكم المسلم لشعب مسلم ومتى يكون الانتخاب واجب شرعيا ومتى يُحرم وتجب المقاطعة فهل يقبل وزير الشؤون الدينية هذا التحدي ليعرف بعدها الشعب الجزائري من هو الغشاش والآثم والمجرم؟ !!!
* الانتخابات في ميزان السياسة العلمانية:
لقد تم الرد باختصار على فتوى وزير الشؤون الدينية من الناحية الشرعية بحكم أنه يمثل السلطة الدينية في البلاد والآن نحاول الرد عليه باختصار من زاوية السياسة الصرفة بعيدا عن أحكام الكتاب والسنة ليتبين للناس ضعف حجته السياسية أيضا.
* لاشك في أن وزير الشؤون الدينية من أكبر دعاة المشاركة لأنها تصب في صالح ولي نعمته وأنصار العهدة الرابعة رغم أن الرئيس مريض ومقعد وأخرس ومغيب عن شعبه حيث استحوذت عليه بطانة السوء التي تتكلم باسمه وتتصرف نيابة عنه وهو في حكم الميت عند علماء السياسة الشرعية وهذه العصابة لا تفعل ذلك حبا فيه وإنما دفاعا عن مصالحها الشخصية غير المشروعة وبحكم أن وزير الشؤون الدينية ينتمي إلى حزب -الأرندي- يعرف العام والخاص في الداخل والخارج أنه وليد التزوير الممنهج وكان الواجب الشرعي والأخلاقي أن لا ينتمي وزير الشؤون الدينية لمثل هذا الحزب الذي ولد كبيرا يمشي على رجليه لقوله تعالى" ولا يشهدون الزور" ولقوله عليه الصلاة والسلام وهو يذكر جملة من كبائر الإثم " ألا وشهادة الزور " ولسنا ندري هل وزير الشؤون الدينية وشيخ الزاوية يقدم الحجج الشرعية على الحجج السياسية أم أنه "مسلم علماني" كما يقال؟ !
* لقد قرر الكثير من الأحزاب السياسية مقاطعة انتخابات 17 أفريل 2014 وذكروا الدواعي السياسية لذلك وهي كثيرة منها أن الأجواء المحيطة بهذه الانتخابات تدل دلالة قاطعة –في غالب الظن- أنها محسومة لصالح الرئيس المريض وكيف لا تكون محسومة وقائد الأركان قايد صالح في صفه والوزراء في صفه والولاة في صفه ورؤساء الدوائر في صفه وأحزاب الأغلبية المزعومة في صفه ومعظم أرباب المال والأعمال في صفه وأغلب أئمة المساجد إلا من رحم ربي في صف المشاركة لأنها لصالح دعاة العهدة الرابعة ومعظم المنظمات الجماهيرية في صفه ورؤساء النوادي الرياضية في صفه وأغلبية المجتمع النسوي في صفه وأسلوب الإكراه يعمل لصالحه ومن ذلك تهديد والي العاصمة بحرمان سكان البيوت القصديرية من حقهم في السكن وأسلوب الإغراء يعمل لصالحه ومن ذلك إصدار قانون يجعل من الخدمة الوطنية سنة واحدة فضلا على إهدار المال العام في الهملة الانتخابية والسيطرة على وسائل الإعلام الثقيلة وقبل هذا وبعد هذا الإدارة المنحازة التي تبدع في التزوير بجميع أشكاله وألوانه ما يخطر على البال وما لا يخطر عليه، إن انتخابات في مثل هذه الظروف لا يشك عاقل في أنها في صالح رئيس مريض قعيد وأن اليد الطولى فيها لا ترجع إليه وإنما ترجع إلى العصابة التي استحوذت عليه وغلقت عليه الأبواب وهي ترمي إلى خليفته بعد فوزه لتستمر من خلاله في المحافظة باستماتة على مصالحها غير المشروعة داخليا وخارجيا يا لها من كارثة ستحل على البلاد والعباد والغيب يعلمه الله ونحن مطالبون بالتعامل مع السنة الجارية لا مع السنة الخارقة. اما دعاة المشاركة فهذا خيارهم السياسي وهم أحرار فيه من الناحية السياسية الصرفة وأغلبهم مقتنع في قرارة نفسه أن لا حظ له في كرسي المرادية ولن يلجه حتى يلج الجمل في سمّ الخياط ولله الأمر من قبل ومن بعد " فسوف تذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد" وبعضهم يعيش في أجواء ومحيط يخيل له أنه باستطاعته مقارعة حزب الإدارة واستحواذ العصابة البوتفليقية على مفاصيل الدولة كما سبق ذكره ورغم ذلك نقول إيمانا بقوله تعالى "لا تدري لعلّ الله يُحدث بعد ذلك أمرا"
الأخ الداعية بن حاج علي