حوار الهيئة الإعلامية للشيخ علي بن حاج مع نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ حول ترشح علي بن فليس للانتخابات الرئاسية
- بسم الله الرحمن الرحيم –
حوار الهيئة الإعلامية مع نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ
وترشح الرئيس الأسبق علي بن فليس.
تم نشره يوم الثلاثاء 20 ربيع الأول 1435هـ الموافق لـ 21 يناير 2014م
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على المصطفى وآله وصحبه أجمعين.
* إثر إعلان رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس عن ترشحه للانتخابات الرئاسية لـ 2014م وهو بلا شك موعد انتخابي حاسم وفاصل في تاريخ مستقبل البلاد ورأت الهيئة الإعلامية للشيخ علي بن حاج التوجه مباشرة بجملة من الأسئلة الهامة لنائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ لمعرفة وجهة نظره فيما جاء في الخطاب المطول الذي ألقاه بن فليس من فندق هلتون بعد صمت دام لعشر سنوات كاملة حيث لم يُدْلِ خلال هذه السنوات بأي رأي سياسي حول قضايا سياسية هامة وخطيرة داخلياً وخارجياً وهو الأمر الذي أثار العديد من الأسئلة من طرف الملاحظين وهو تشبيه بموقف الرئيس بوتفليقة الذي لزم الصمت المطبق لمدة 20 سنة ثم ظهر فجأة على المسرح السياسي ليكون رجل الإجماع ورئيس البلاد لثلاث عهدات دون منازع ! وها نحن نضع بين أيديكم أجوبة نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ على أسئلتنا الذي آثر أن لا تكون كثيرة لضيق الوقت.
س1- بعد التحية والسلام يسعدنا أن نطرح عليكم جملة من الأسئلة رجاء الجواب عليها بكل وضوح وصراحة بحكم أن الموعد الانتخابي لـ 2014م بالغ الخطورة على مصير البلاد.
ج1- الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سائلا المولى تعالى التوفيق والسداد في القول والعمل وليكن في منتهى علمكم أن الأجوبة على أسئلتكم التي أرجو أن لا تكون كثيرة وأن تنصب حول فحوى خطاب الرئيس الأسبق للحكومة بن فليس كما ستكون بحول الله وقوته في دائرة وإطار التعبير عن الرأي لأن الموقف السياسي للجبهة الإسلامية للإنقاذ سابق لأوانه وهو مرهون – بلا شك – بوقته ولتطو الأحداث إيجاباً أو سلباً لاسيما والساحة السياسية يكتنفها الغموض الذي يحجب الرؤية وهي حالة فريدة من نوعها منذ الاستقلال 1962 فالتسرع في أخذ القرار والحالة على ما هي عليه ليس من شأن أولى الألباب والنهي فكل شيء مربوط بوقته وظروفه " والاستعجال يقصم ظهور الرجال " كما يقال .
س2- ما رأيكم في ترشح رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس؟
ج2- مما لاشك فيه أن رئيس الحكومة الأسبق شخصية محترمة وتولي مناصب هامة في الساحة السياسية وفي دواليب الدولة ومن حقه الترشح للموعد الانتخابي لـ 2014م وهو طموح مشروع لكل مواطن جزائري لا غيار عليه وهو بلا شك أيضا من الأوزان الثقيلة التي أعلنت لحد الآن ترشحها والبقية تأتي.
س3- ذلك رأيكم في الشخص فما رأيكم في محتوى خطاب إعلان الترشح وما جاء فيه؟ والذي رسم فيه معالم برنامجه السياسي؟
ج3- من شكل الخطاب فهو خطاب عزلي فصيح ومن حيث الإلقاء فهو جميل مفهوم يحقق هدف التفاعل معه وهذه نقطة بلا شك تُحسب له أما من حيث المحتوى والمضمون فثمة ما يقال من الناحية السياسية والفكرية فثمة جوانب مقبولة وجوانب مرفوضة على الصعيد السياسي والفكري والعملي وجوانب أخرى محل خلاف اجتهاد سياسي عميق وهو خطاب إصلاحي أكثر منه خطاب تغييري جوهري في العمق لاسيما عموم الشعب يتطلع إلى تغير جذري للنظام برمته.
س4- لقد أثنيتَ ثناءً عطراً على شكل الخطاب فهل هذا يكفى؟
ج4-بالطبع لا ولكن الإنصاف يقتضي إعطاء كل شيء حقه فالشكل الحسن والإخراج الجميل وجودة الإلقاء لا يغني عن المضمون شيئاً وقد حدثتنا كتب سير الخلفاء الراشدين أن عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما بويع بالخلافة صعد المنبر وأراد أن يلقي خطاباً فارتج عليه ولم ينطلق لسانه شأن الخطباء الفصحاء فما كان منه إلا أن قال "ما كنا خطباء وسيعلمنا الله أن أبا بكر وعمر كانا يُعِدَّان لهذا المقام مقالاً وأنتم إلى إمام عادل أحوج منكم إلى إمام خطيب" ثم نزل رضي الله عنه – وأزمة الجزائر منذ 1962م أزمة ممارسة سياسية قذرة تخالف لغة الخطاب الرسمي فالخطابات في واد والممارسات السياسية في واد آخر سحيق وقد مل الشعب الجزائري من الخطابات التي لم تجني منها إلا الصاب والعلقم.
س5- ولكن الرئيس الأسبق ندد بالظلم والرشوة السياسية ونادى بحقوق المواطنة وأقرَّ أن المواطن ليدفعه الغُبن أحيانًا إلى العنف وركّز بشكل لافت أن العدل هو أساس الملك ألاَ يبعثُ كل هذا على الارتياح؟
ج5- لحد الآن لم يتطرق إلى الآليات والضمانات التي تجعل من خطابه أملاً حقيقياً لا سراباً بقيعة يحسبه الظمآن ماءاً. فالعبرة بالشجاعة السياسية والقدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة مهما كلفه الأمر من تضحيات والغالب على محتوى خطابه الإصلاح العادي لا إلى التغييري الجذري العميق والمعاني الحسنة التي جاءت في مضمون خطابه قد سبقه إليهما الرئيس الحالي نفسه ندد بالظلم ولكنه انتشر أكثر من أي وقت مضى ونادى بإصلاح العدالة وميدانياً هي في حالة تردي مهول وأصبحت في العهدات الثلاث أداة في يد السلطة التنفيذية تصفي بها الخصوم السياسيين ووضع على رأسها مقربيه وأبناء جهته ورغم ذلك نقول أن الأيام المقبلة كفيلة بشرح ما سيقدم عليه بن فليس بكل وضوح بعيداً عن العموميات الغامضة فلنترك له مجال الشرح والإقناع للرأي العام حتى لا تتكرر تجربة 2004م.
س6- ولكن ألم ترى كيف ندد رئيس الحكومة الأسبق بغبن المواطن والتهميش وخيبة الأمل التي أصابت أبناء الوطن؟
ج6- قلتُ إن المحك الحقيقي ليس هو الخطاب وما جاء فيه من توصيف للواقع المدير الذي يدعو إلى اليأس والإحباط فهذا أمر يعرفه أبسط المواطنين ولكن العبرة ما هي القرارات السياسية الجوهرية والعميقة التي سيتخذها المرشح ويباشر في تنفيذها دون مماطلة أو تسويف لأن الشعب ملَّ الانتظار والوعود الكاذبة أما خيبة الأمل التي تحدث عنها الرئيس الأسبق للحكومة شعر بها المخلصين من جيل الثورة قبل حصول الاستقلال وتمنى بعض القادة المخلصين الأوفياء الشهادة وأن لا يعيش إلى زمن الاستقلال لأن ثمة من الدخلاء على الثورة من كان يخطط بكل السبل للسطو على السلطة بعد الاستقلال وقد تحقق ذلك بشكل مريع وفظيع والحاصل لابد لابن فليس من الإفصاح عن الخطوات الثورية التي سيتخذها إذا ما وصل إلى سدة الحكم.
س7- جاء في خطاب بن فليس أثناء حديثه عن "الإرهاب" أن الجزائر واحدة من أول ضحاياه فماذا ترى؟
ج7- حديثه عن ظاهرة ما يسمى الإرهاب لم تخرج عما هو متداول دولياً على المستوى الخارج ولا عن نظرة رجال الاستئصال الذين انقلبوا على اختيار الشعب 1992م وهي قراءة سطحية شبيهة بقراءة لجنة إنقاذ الجزائر والأغرب وهو المطلع على الأمور تجاهل ذكر الجذور الحقيقية لظاهرة ما يسمى الإرهاب وغَضَّ الطرف عن إرهاب الدولة التي ارتكبت من الفظائع ما يندى له جبين الإنسانية خجلاً وحياءً ألم يعلم ما حصل لشرائح واسعة من الشعب الجزائري الذين اعتقلوا في تخوم الصحراء ألم يعلم عدد الذين قتلوا خارج نطاق القضاء غدراً من كتائب الموت إلخ ... لاشك أن بن فليس يعرف الجذور الحقيقية للعنف والصراع المسلح صحيح أنه نادى بطي ملف المأساة نهائيا ولكن السؤال كيف سيتم ذلك وما هي الحلول المقترحة من طرفه ؟!! ورغم ذلك ننتظر الأيام المقبلة لشرح الطريقة المثلى لحل الأزمة السياسية وآثارها الوخيمة بعد اغتصاب اختيار الشعب وهل سيحل المعضلة في إطار قانون السلم والمصالحة الجائر والظالم الذي جرَّم الضحية وأعطى الحصانة للجلاّد وحَرَمَ ألوف المواطنين من رفع دعوى قضائية ضد من اقترف إرهاب الدولة أم سنقع في خُدعة كبرى شبيهة بخُدعة بوتفليقة الذي استثمر خلال العهدات الثلاث في المصالحة الزائفة المكذوبة وربما استثمر فيها للعهدة الرابعة إذا ماترشح شخصياً ؟!! والحق يقال أن الرجل في هذه النقطة لم يكن موفقاً وإن كان على علم بتفاصيل المأساة فلماذا يتجاهل الجذور العميقة للمأساة الوطنية إنَّ المواصلة في تجاهل جذور الأزمة لن يَحُلَّها والأيام بيننا.
س8- لقد وصف الرئيس الأسبق برنامجه السياسي بأنه براغماتي فما تعليقكم على ذلك؟
ج8- لست أدري ماذا يقصد بذلك وما هو مفهوم البراغماتية في فكر بن فليس لأنه من المعلوم أن البراغماتية مذهب فلسفي غربي أمريكي يخالف أصول الفكر السياسي الإسلامي فهو يرى أن الفكرة الصحيحة هي الفكرة الناجحة التي تحققها التجربة والمنفعة العملية وهي المقياس لصحة هذا الشيء بعيداً عن العقائد والمبادئ والثوابت ولا يقاس صدق القضية إلا بنتائجها وزعيم هذه الفلسفة السياسية هو الفيلسوف الأمريكي ويليام جيمس وأمريكا هي زعيمة العالم في انتهاج السياسة البراغماتية وهي بهذه السياسة البراغماتية تدوس على المبادئ والمواثيق الدولية والقيم الأخلاقية والمثل الإنسانية العليا وهي لا تختلف عن الميكيافيلية والنفعية التي نادى بنتام فالبراغماتية تجعل السياسي يتملص من المبادئ والقيم والمثل والوعود والالتزامات والحاصل لابد لابن فليس أن يرشح ماذا يقصد بالبراغملتية وهي من المذاهب السياسية الهدامة وقد انتهجها بوتفليقة خلال العهدات الثلاث والثمار المُرة لهذه السياسة آثارها الوخيمة دمرت الشعب الجزائري.
س9- لحد الساعة لم يعلن الرئيس بوتفليقة عن ترشحه رسمياً والجميع يقول أنه إذا ترشح شخصيا فلا مجال لفوز أي مرشح ولو كان في وزن بن بيتور الرئيس الأسبق للحكومة ولا بن فليس فماذا تنصح المترشحين وعلى رأسهم رئيس الحكومة الأسبق بن فليس؟.
ج9- النصح هنا يدخل في إبداء الرأي لا أكثر ولا أقل وإلا فالجميع أحرار فيما يتخذونه من قرارات سياسية ولذلك أقول إذا ما ترشح بوتفليقة رسميا وهو الرجل المريض المقعد والأخرس الذي لا ينطق الزائغ النظرة المشلول الحركة والذي لا يقوى على القيام بشؤونه الخاصة وهذا الذي نقوله من باب وصف الحال والواقع إلى أن يثبت العكس فينطق لسانه وتتحرك أوصاله ويصول ويجول في طول البلاد وعرضها فيبدد الشائعات ويقطع الأراجيف ويخرس المُتَقَوِّلِين قُلت إذا ما ترشح شخصيا وحالته على ما ذكرت فما على سائر المترشحين وعلى رأسهم بن فليس أو بن بيتور إلا الانسحاب إن كانوا جادين وصادقين في إحداث التغيير الجذري العميق الذي يخلص البلاد مرة واحدة من عفن الأجنحة المتصارعة ومن غامر وخاض المعركة الانتخابية فلا يحق له أن يدعي التزوير والغش أو يكثر الصراخ والصياح وعدم الانسحاب والحالة هذه يعطي الشرعية لنظام سياسي متعفن أهلك الحرث والنسل وغالب الظن – والله أعلم – أن بن فليس لن يشارك في مسرحية خاتمتها معروفة سلفاً لدى عامة الشعب ناهيك عن الخاصة وخاصة الخاصة.
س10- ولنفرض أن الرئيس بوتفليقة لن يترشح شخصيا فبما تنصح في هذه الحالة الذي يترقبها الكثير مما سيعطي الموعد الانتخابي نكهة خاصة ومثيرة ؟ .
ج10- عندما نرى ما يحدث في غرداية اليوم من سقوط قتلى وجرحى وانتهَاك للحرمات نقول حبذا لو تأجلت الانتخابات إلى حالة استتباب الأمن في غرداية وما جاورها ولكن الظاهر أن النظام لا يعطي اهتماماً كبيراً لما يحدث في الجنوب هذا من ناحية ومن ناحية أخرى نقول في حالة عدم ترشح الرئيس بوتفليقة شخصياً لاشك أن شخصية سياسية ما سوف تُرشح لتخلف بوتفليقة لحماية "البوتفليقية" والدفاع عن مصالحها وسوف تجد الدعم اللازم أكثر من الرئيس نفسه لا حباً فيه وإنما دفاعاً عن مصالحها المتشعبة داخلياً وخارجياً ولا شك أن أنصار البوتفليقية سوف تخوض صراعاً انتخابياً مريراً مع جناح من بقايا الجنرالات في الجيش والمخابرات ممن لهم نفوذ واسع في جميع مفاصل الدولة وسيكون صراعاً خطيراً تستباح فيه كل المبادئ والأخلاق لأن المسألة بالنسبة للطرفين مسألة حياة أو موت وويل للمغلوب من الغالب بعد الفوز .
س11- يقول البعض أن ثمة اختلاف بين حالة ترشح الرئيس بنفسه أو ترشح آخر يمثل البوتفليقية ؟.
ج11- هذه الحالة هي محل اجتهاد سياسي دقيق من طرف الجميع بما في ذلك المعارضة غير المعتمدة والتي لها قاعدة شعبية واسعة وعلى رأسها الجبهة الإسلامية للإنقاذ فالأمر في هذه الحالة خاضع للظروف والتطورات والأحداث السياسية المؤثرة وخاضعة لمحتويات البرامج المطروحة بخلاف حالة ترشح الرئيس بنفسه شخصياً حيث أن الأمر يصبح في حكم المقطوع به .
س12- ولكن ما هو رأيك في هذه الحالة بالضبط ؟.
ج12- الحق يقال أنا غير مرتاح لهذه الأوضاع السياسية شديدة الغموض والأوضاع في غرداية تبعث على الريبة وكل القرائن والملابسات تدل على أنه حتى في حالة تقديم مرشح عن عصابة البوتفليقية ستفوز في الدور الثاني في أحسن الأحوال هذا ما لم تفز في الدور الأول والعلم عند الله لاسيما وكل الخطط والاستعدادات قد اخذت لفوز الرئيس بنفسه في حالة ترشحه أو من يُقدم لتمثيل جناح عصابة البوتفليقية التي أصبحت تحكم باسمه وهو فاقد للوعي وحكمه حكم الميت فوزير الداخلية والعدالة والإعلام والمجلس الدستوري والدوائر الإعلامية الرسمية وأموال الخزينة العامة كفيلة بشراء الذمم الخربة والصرف على المترشحين الأرانب كما يقال لتحمية البندير كما تقول العامة هذا رأيي الشخصي والموقف من حق أغلبية قيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ .
س13- سيسأل بعض الشباب من أنصار الجبهة الإسلامية للإنقاذ الذين لم يسبق لهم أن سجلوا أنفسهم في القوائم الانتخابية للحصول على ورقة تحسباً للتطورات المتلاحقة سياسياً وحتى يكونوا على أهبة المشاركة إذا فسح باب من أبوب الأمل لتغيير جذري عميق يحمله أحد المترشحين ويجاهر به للرأي العام داخلياً وخارجياً ؟.
ج13- هذا احتمال بعيد المنال والجبهة الإسلامية ترى أن المخرج ليس في الرئاسيات وإنما في مرحلة انتقالية يشارك فيه الجميع بما في ذلك المعارضة غير المعتمدة وعلى رأسها الجبهة الإسلامية للإنقاذ أما مجرد التسجيل في القوائم الانتخابية والحصول على بطاقة الناخب فلا مانع منه وهو حق كل مواطن ثم هو حر كامل الحرية في ممارسة هذا الحق أو الامتناع عنه حسب تطورات الأحداث إقداماً أو احجاماً مشاركة أو مساندة أو مقاطعة حسب الموقف الذي تتخذه الجبهة الإسلامية للإنقاذ في وقته وحينه والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
تم إجراء الحوار بتاريخ يوم الإثنين 19 ربيع الأول 1435هـ الموافق لـ 20 يناير 2014م