التكفير ظاهرة نفسية
أسامة حافظ
02/02/2017 08:33
اعتدنا أن نتناول قضية التكفير باعتبارها خلل فكري نناقشه كمسالة علمية نبحث عن أصولها عند أصحابها ونعد الردود عليها ونناقش أصحابها بمنطق الأدلة الشرعية وأقوال أهل العلم في فهمها وتفسيرها .. ولكن الحقيقة أن قضية التكفير فيها شق نفسي كبير عند أصحابها سواء في نظرتهم لأنفسهم أو لمجتمعهم أو للمحيطين بهم.
أنهم يرون في أنفسهم تميزا عن الناس يجعلهم ومن وافقهم الأفضل والأثبت علي الحق ويرون فيمن يخالفهم الدونية فهذا متشدد مغال وهذا مترخص متهالك وهذا منافق ممالئ للسلطة وهكذا .. فكل من خالفهم يتلقونه بسوء الظن وسرعة الاتهام والإقصاء والطرد من دائرة الحق والصواب ..
قد تقف العوائق أمام إطلاق لفظ الكفر الصريح سواء كانت عوائق علمية أو أخري مجتمعية .. ولكنها لا تعوق استخدام بدائل من الألفاظ مثل التخاذل أو النفاق أو العمالة أو ما شابه.
وعادة ما تطغي هذه الاتهامات علي النقاش الهادئ المنطقي والمتعقل
والحق أن هذه الآفة ليست قاصرة علي الحركة الإسلامية فقط .. بل ان سائر الاتجاهات الأخرى لا تخلو من ذلك ولها تكفيرها الذي يناسبها ولكن بصياغات أخري .. فالشيوعيون واليساريون يكفرون خصومهم بالاتهام بالبرجوازية أو خيانة الطبقة العاملة أو ما شابه.
أما الليبراليون فخصومهم فاشيست شموليون والحكوميون خونة وعملاء والمعارضة خصومهم منبطحون ومنافقون وهكذا.
ومثل هذه الألفاظ لها ضجيج وجعجعة عادة ما تطغي علي لغة الحوار والمنطق ليحل محلها أسلوب سوقي ضرره أكثر من نفعه وفساده أكثر من مصلحته.
أقول هذا بمناسبة الحديث عن بعض تعليقات القراء
وأتعجب أن تكون هذه صيغة الاختلاف في موقع إسلامي وبين اخوة الأصل في العلاقة بينهم التناصح والحب في الله وحسن الظن والأهم الشعور بمسئولية الكلمة التي يسجلها علي صاحبها الرقيب العتيد ويحاسب صاحبها عليها يوم القيامة.
فالتعليق كالمقال تماماً ينبغي أن يكون له هدف شرعي يبدأ بنية صادقة للإصلاح وإفادة الناس ويضيف صاحبها لما يقال أو يقوم عوجه أو ينصح بأرق وأفضل أسلوب يوصل مقصده ويوجه صاحبه إلي الحق ويفيد القاريء ويصلحه .. أما السخرية والاتهام وسوء الظن فإنه فضلاً عن ما فيه من مخالفة الشرع والإفساد بين الناس فإنه يسيء أول ما يسيء إلي كاتبه حتي وإن تخفي خلف اسم وهمي يداري به جبنه أن يواجه بكلامه الناس ويتحمل مسئولية ما يقول.
إخواني الأحبة ليعلم كل منكم أن كتابتكم هذه دعوة إلي الله سواء كانت مقالاً أو تعليقاً وإن الدعوة كما درسنا جميعاً من قبل لها الأسلوب الذي يحقق الهدف ويجلب الثواب فاستحضروا في كتابتكم نية الإصلاح وفكروا قبل أن تكتبوا عن مقصودكم من الكتابة وما هي الوسيلة التي توصلكم لذلك المقصود ولا تكتب إلا ما يضيف إلي حسناتك ويخصم من سيئاتك ولنلتمس دائماً لإخواننا العذر ونسعي لتوصيل ما نريد منهم بأفضل أسلوب يجعل لكلامنا القبول لديهم ويقوم ما نراه فيهم من قصور ولنبتعد عن نزعة إقصاء المخالف واتهامه بالسخرية منه وسوء الظن به والرفق ما دخل في شيء إلا زانه .. كما أدعو الإخوة المعلقين جميعاً أن نضع أيدينا في أيدي بعض لنضع في صرح هذا الموقع لبنة جديدة أو نسعي لدعم ما سيدنا من بناء بدلاً من السعي لهدمه والنيل منه ولنختر أفضل السبل لإصلاح ما نراه من عوج إن كان ثمة عوج فإن العنف لا يدخل في شيء إلا شانه