روى ابن الجوزي في تلبيس إبليس بسنده إلى سويد ابن غفلة قال: مررت بنفر من الشيعة يتناولون أبا بكر وعمر رضي اللّه عنهما وينتقصونهما فدخلت على علي بن أبي طالب فقلت: يا أمير المؤمنين مررت بنفر من أصحابك يذكرون أبا بكر وعمر رضي اللّه عنهما بغير الذي هما له أهل ولو لا أنهم يرون أنك تضمر لهما على مثل ما أعلنوا ما اجترأوا على ذلك.
قال علي: أعوذ باللّه أن أضمر لهما إلا الذي ائتمنني النبي عليه.
لعن اللّه من أضمر لهما إلا الحسن الجميل أخوا رسول اللّه وصاحباه ووزيراه رحمة الله عليهما ثم نهض دامع العينين يبكي قابضا علي يدي حتى دخل المسجد فصعد المنبر وجلس عليه متمكنا قابضا على لحيته وهو ينظر فيها وهي بيضاء حتى اجتمع لنا الناس، ثم قام فتشهد بخطبة موجزة بليغة، ثم قال ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش وأبوي المسلمين مما أنا عنه متنزه، ومما قالوه بريء، وعلى ما قالوا معاقب أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يجبهما إلا مؤمن تقي ولا يبغضهما إلا فاجر شقي صحبا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على الصدق والوفاء يأمران وينهيان ويغضبان ويعاقبان فما يتجاوزان فيما يصنعان رأي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولا كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يرى غير رأيهما، ولا يحب كحبهما أحدا مضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو راض عنهما، ومضيا والمؤمنون عنهما راضون، أمره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على صلاة المؤمنين فصلى بهم تسعة أيام في حياة رسول الله صلى اللّه عليه وسلم فلما قبض اللّهنبيه واختار له ما عنده ، ولاه المؤمنون ذلك، فوضوا اليه الزكاة ثم أعطوه البعة طائعين غير مكرهين، وأنا أول من سن له ذلك من بني عبد المطلب وهو لذلك كاره يود لو أن منا أحدا كفاه ذلك، وكان واللّه خير من أبقى أرحمه رحمة وأرفأه رأفة واسنه ورعا وأقدمه سنا واسلاما، شبهه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمكائيل رأفة ورحمة وبإبراهيم عفوا ووقارا فسار بسيرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى مضى على ذلك رحمة اللّه عليه، ثم ولي الأمر بعده عمر رضي اللّه عنه وكنت فيمن رضي، فأقام الأمر على منهاج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وصاحبه يتبع أثرهما كما يتبع الفصيل أثر أمه وكان واللّه رفيقا رحيما بالضعفاء ناصرا للمظلومين على الظالمين، لا يأخذه في اللّه لومة لائم وضرب اللّه الحق على لسانه وجعل الصدق من شأنه، حتى ان كنا لنظن أن ملكا ينطق على لسانه آعز اللّه بإسلامه الإسلام، وجعل هجرته للدين قواما وألقى له في قلوب المنافقين الرهبة، وفي قلوب المؤمنين المحبة، شبهه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بجبريل فظا غليظا على الأعداء،فمن لكم بمثلهما رحمة اللّه عليهما ورزقنا المضي في سبيلهما فمن أحبني فليحبهما ومن لم يحبهما فقد أبغضني وأنا منه بريء، ولو كنت تقدمت إليكم في أمرهما لعاقبت في هذا أشد العقوبة ألا فمن أوتيت به يقول بعد هذا اليوم فإن عليه ما على المفتري، ألا وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر رضي اللّه عنهما ثم اللّه أعلم بالخير أين هو.
أقول قولي واستغفر اللّه لي ولكم.
أم خالد