بسم الله الرحمن الرحيم
بيان الجبهة الإسلامية للإنقاذ بشأن رئاسيات 2014.
الحمد لله القائل "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"، والصلاة والسلام على رسول الله القائل: "إنّ الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه عمّهم الله بعقابه" وعلى آله وصحبه أجمعين.
إنّ الجزائر تمرّ بواحدة من أحلك وأخطر مراحلها التاريخيّة وهذا ما أجمع عليه العقلاء داخليّا وخارجيّا. غير أنّ النظام السياسي الذي فُرض على الشعب الجزائري بعد أزمة صائفة 1962 استنادا إلى شرعية ثورية مدعومة من بعض قادة جيش التحريرالوطنى ظل يمارس الحكم بأحادية مستبدة إلى أن اضطرته أحداث أكتوبر 1988 إلى الانفتاح على التعددية السياسية لكنه سرعان ما انقلب في 11 جانفي 1992 بالحديد والنار على الشرعية الشعبية التي فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ. ومازالت آثار هذا الانقلاب الوخيمة ماثلة إلى يوم الناس هذا.
وبعد مرور أكثر من 22 سنة على اغتصاب الاختيار الشعبي مازال النظام السياسي المتعفن مصرا على فرض سياسة الأمر الواقع لضمان استمراريته رغم تفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مستخدما في ذلك مختلف وسائل الترغيب والترهيب في تحدّ سافر لإرادة الشعب في التغيير الجذري المنشود، مما سيترتب عنه -لا قدّر الله- عواقب وخيمة أو انفجار شعبي واجتماعي لا يعلم مداه إلا الله.
إن الجبهة الإسلامية للإنقاذ ترى أن النظام السياسي قد فقد جميع مبررات وجوده وبلغ نهايته الحتمية وأصبح يشكل خطرا داهما على الجزائر في وحدتها وثرواتها وهويتها ومستقبل أجيالها وما بقي من سيادتها.
إنّ الانتخابات الرئاسية لـ 17 أفريل 2014 التي تمّ نسج خيوطها - بمكر وخديعة- من طرف السلطة القائمة بتواطؤ من أطراف خارجية لصالح رئيس مريض مقعد وعاجز تشكل خطرا على مستقبل البلاد لأنها تجري في ظل صراع مرير - ظاهر وخفي - بين أجنحة متنازعة وجماعات مصالح انتهازية متشاكسة وفي ظل اضطرابات اجتماعية واحتجاجات مطلبية متزايدة وبروز دعوات انفصالية تستهدف وحدة البلاد فضلا عن إقصاء شريحة واسعة من أبناء الشعب من ممارسة حقوقها السياسية والمدنية لهي انتخابات لا تتوفر فيها أدنى شروط المصداقية والنزاهة والمعايير الدولية وستكون مجرد سطو على إرادة الشعب لا مثيل لها في التاريخ المعاصر.
ونظرا لخطورة الأوضاع وتطورات الأحداث السياسية يوما بعد يوم فإن الجبهة الإسلامية للإنقاذ بعد دراسة عميقة قائمة على التحري والتثبت والاستطلاع والاتصالات المتنوعة والتريث الحكيم وتوسيع الشورى والاستشارة خلصت إلى النتائج التالية:
1. الجبهة الإسلامية للإنقاذ ترفض أن تشارك في انتخابات 17 أفريل 2014:
- لأنها محددة النتائج سلفا لصالح مرشح عاجز ملوم استحوذت عليه بطانة سوء تتصرف باسمه مسخرة إمكانات الدولة والمال القذر والإعلام المنحاز بطريقة مكشوفة ومقززة فضلا عن تحويل وزراء الحكومة إلى تنسيقية مساندة و تحويل الإدارة إلى حزب غير معتمد لصالح العهدة الرابعة.
- لأنه بعد اتصالات سياسية مع بعض المشاركين بحثا عن بارقة أمل في شراكة حقيقية في عهدة رئاسية انتقالية تشترك في صياغة برامجها وتنشيط حملتها وتوقيع تعهد علني موثق بحل أزمة انقلاب 1992 ومعالجة مخلفاتها توصلت إلى أنه لا يوجد تجاوب يرقى إلى مستوى ما تسعى إليه.
2. الجبهة الإسلامية للإنقاذ بعد تقليب الأمور على مختلف وجوهها ترى أن الانتخابات في موعدها المحدد في ظل الظروف المحيطة بها لا تجدي نفعا ولا تقدم حلا سياسيا لأزمة البلاد فضلا عن أنها تحمل في طياتها مخاطر جمة ومفاسد عظيمة تشكل تهديدا لأمن البلاد و استقرارها ووحدة الشعب والوطن والجيش.
3. الجبهة الإسلامية للإنقاذ بعد الذي سبق ذكره ترى أن الموقف الأرشد والأصوب لا يكمن في مجرد إعلان مقاطعة دون تفعيليها شعبيا ولا مشاركة في انتخابات صورية يراد لها أن تضفي شرعية على نظام فاسد مستبدّ آيل للزوال.
4. الجبهة الإسلامية للإنقاذ يتمثل موقفها في الدعوة إلى تنظيم مرحلة انتقالية حقيقية تشارك فيها جميع الفعاليات السياسية والاجتماعية المعتمدة والمحظورة بما في ذلك الجبهة الإسلامية للإنقاذ وبمشاركة السلطة. وأهم معالمها:
- وضع دستور توافقي من طرف هيئة تأسيسية.
- إعادة الكلمة للشعب الجزائري لاختيار ممثليه والمشاريع المعروضة عليه بكل حرية وسيادة دون إقصاء أو وصاية.
- عدم القفز على الحلّ الشامل والعادل للأزمة الأمّ الناجمة عن مصادرة اختيار الشعب في 1992.
5. الجبهة الإسلامية للإنقاذ ترحب بالأحزاب السياسية والشخصيات التاريخية والوطنية المنادية بضرورة التعجيل بمرحلة انتقالية حقيقية لا مكر فيها ولا خداع، لا إقصاء فيها ولا تهميش من أجل تحقيق التغيير الجذري للنظام بطريقة سلمية سلسة قبل فوات الأوان.
6. على جميع قوى التغيير الجذري أن تسارع إلى تفعيل مطلب المرحلة الانتقالية سياسيا وإعلاميا وشعبيا وتوسيع نطاقها حتى يشارك فيها جميع الفعاليات السياسية والاجتماعية والشخصيات التاريخية والوطنية والدعوية والثقافية.
7. ترى الجبهة الإسلامية للإنقاذ أنّ الجيش للأمة وأنّ الضمان الوحيد لقوة مؤسسته ووحدته واحترافيته وفعاليته يتمثل في ابتعاده عن الصراع السياسي والتفرغ لمهامه الدستورية وهذا ما تضمنه له المرحلة الانتقالية التي ستعيد الكلمة للشعب وتخرج البلاد من أزمتها.
أيها الشعب الجزائريّ الحرّ الأبيّ إنّ جبهتك الإسلامية للإنقاذ تدعوك إلى تحمل مسؤوليتك التاريخية مع الصادقين من أبنائك لاسترجاع حقك في الحرية والكرامة والسيادة والالتفاف حول الداعين للمرحلة الانتقالية، كما تدعوك للفطنة واليقظة لما يحاك داخليا وخارجيا والرفض المطلق لسياسة الأمر الواقع بطريقة سلمية وحضارية. والله ولي التوفيق.
الاثنين 29 جمادى الأولى 1435هـ
الـــــمـــوافـــق لـــــ 31 مـــارس 2014م رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ: الشيخ د. عباسي مدني
=389079217878446&p[1]=1073742000&profile_id=389079217878446&share_source_type=unknown]