إن الثورة أخذت تفقد روحيتها وأخلاقيتها ويتقلص إشعاعها الإجتماعي بسرعة، عندما أخذ الاضطراب يمس مرجعيتها الفكرية والروحية وهويتها الثقافية والحضارية، وتهمش فيها دور المرجعيين الكبار، الأموات منهم والأحياء، ووضع إمامهم الإبراهيم خليفة إمام النهضة الشيخ عبد الحميد بن باديس تحت الإقامة الجبرية حتى لقي ربه، وانفسح المجال أمام تيه إيديولوجي سرعان ما أفضى بالمجتمع في نهاية المطاف إلى صدام فكري وسياسي واجتماعي خطير، ما كان ليحدث لو أن السلطة السياسية وفت لميثاق الثورة، ومنحت البعد الروحي في الهوية الثقافية والحضارية للمجتمع حقه المناسب، كما نص عليه البيان التأسيسي الأول للثورة الجزائرية الكبرى 1954 ، وكما مضت عليه الحركة الوطنية قبل ذلك، في كل مراحلها التاريخية مع الأمير عبد القادر وأحمد باي والمجاوي والعنابي وابن باديس. .... حيث كانت المرجعية الروحية والثقافية والحضارية للمجتمع الجزائري من الوضوح بمكان، وهي إسلامية المجتمع الجزائري في عقيدته وفكره وثقافته وقيمه السلوكية وأنظمته الإجتماعية.
نقلا عن كتاب: أسرار القوة والقدوة للاستاذ الطيب برغوث
ام